أبو مزاحم الخاقاني: إمام التجويد وراوي الحديث
هو أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان البغدادي، المشهور بالخاقاني. ذكره الذهبي (ت٧٤٨هـ) ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن، كما ذكره ابن الجزري (ت٨٣٣هـ) ضمن علماء القراءات.
القيمة العلمية للمنظومة الخاقانية
إن القيمة القوية لهذه المنظومة لا تكمن فقط في أنها أول ما نظم للتدليل على مثل هذه المسائل، وإنما كانت أول محاولة وليدة لفصل بعض أقسام علم التجويد عن علم القراءات.
وقد كانت بداية علم التجويد ملازمةً لعلم القراءات، من حيث التطبيق العملي، والنقل التدويني، ووجدنا مباحثه وأصوله كالترقيق والتفخيم، والفتح والإمالة، والتحقيق والتسهيل، والإظهار والإدغام، والمد والقصر- متداخلةً في علم القراءات في شتى مناهجها التصنيفية، حتى جاءت المنظومة الرائية للخاقاني، فلم تكن أول منظومة مستقلة تتحدث عن التجويد، وإنما كانت أول ما صنف فيه.
وقد صرح بهذه الأولية الحافظ ابن الجزري في طبقات القراء عندما تحدث عن أبي مزاحم الخاقاني، حيث قال: “قلت: هو أول من صنف في التجويد فيما أعلم، وقصيدته الرائية مشهورة, وشرحها الحافظ أبو عمرو, وقد أخبرني بها وبقصيدته الأخرى في السنة أبو حفص عمر بن الحسن المراغي بقراءتي عليه عن علي بن أحمد المقدسي, أخبرنا ابن طبرزد بسنده”، وفي كتابه النشر حيث قال: “وكانوا أيضًا في الصدر الأول لا يزيدون القارئ على عشر آيات، ولو كان من كان، لا يتجاوزون ذلك، وإلى ذلك أشار الأستاذ أبو مزاحم الخاقاني، حيث قال في قصيدته التي نظمها في التجويد – وهو أول من تكلم فيه فيما أحسب…”.